في إطار ممارسة المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان لاختصاصاته القانونية المنصوص عليها في القانون رقم (5) لسنة 2011م بشأن إنشائه، ولاسيّما ما يتعلق بمهامه في مراقبة أماكن الاحتجاز ومتابعة مدى التزامها بالمعايير الوطنية والدولية لحقوق الإنسان، قام صباح اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025، فريق حقوقي تابع للمجلس بزيارة ميدانية تفقدية إلى مؤسسة الإصلاح والتأهيل طرابلس الرئيسية (معيتيقة)، وذلك في سياق الجهود الوطنية الرامية إلى تعزيز منظومة حقوق الإنسان داخل مؤسسات الإصلاح والتأهيل في ليبيا.
ترأس الفريق الحقوقي الأستاذ “عبد المولى ألونتيشة” المكلف بتسيير أعمال المجلس، وضمّ في عضويته عددًا من مديري الإدارات الحقوقية والفنية وبعض الحقوقيين بالمجلس، بمرافقة اللواء “أحمد أبو كراع” مدير إدارة العلاقات والتعاون بجهاز الشرطة القضائية، وقد هدفت الزيارة إلى تقييم الأوضاع الحقوقية والقانونية والإنسانية داخل المؤسسة، ورصد مدى توافق بيئة الاحتجاز مع المعايير المنصوص عليها في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء (قواعد نيلسون مانديلا)، والقانون رقم 5 لسنة 2005 م بشأن مؤسسة الاصلاح والتأهيل ولائحته التنفيذية فضلاً عن الوقوف على واقع الخدمات الصحية والاجتماعية، وآليات ضمان الكرامة الإنسانية للنزلاء والموقوفين.
استُهلت الزيارة بلقاء مدير المؤسسة، الذي أعرب عن ترحيبه واستعداده الكامل للتعاون مع المجلس الوطني في أداء مهامه الرقابية والحقوقية، مؤكداً أهمية هذه الزيارات في تعزيز الشفافية وإبراز الجهود الوطنية المبذولة لتحسين أوضاع الاحتجاز. وقد أتاح مدير المؤسسة للفريق الحقوقي الاطلاع الميداني الكامل على جميع مرافق المؤسسة، بما في ذلك العنابر وأماكن الإعاشة والعيادة الصحية والمرافق الخدمية والإدارية، كما أجرى الفريق مراجعة فنية وحقوقية شاملة للأوضاع داخل المؤسسة من الجوانب القانونية والإنسانية والإجرائية، شملت دراسة الظروف المعيشية للنزلاء، ونوعية الخدمات المقدمة لهم، ومدى توفر الرعاية الصحية والنفسية والاجتماعية، بالإضافة إلى الاطلاع على سجلات النزلاء والإجراءات القانونية المتعلقة بالمحاكمات والعرض على الجهات القضائية المختصة، للتأكد من احترام مبدأ المشروعية وضمان الحق في الدفاع والمحاكمة العادلة.
وخلال الزيارة، أجرى الفريق عددًا من اللقاءات الفردية مع نزلاء المؤسسة، من المحكومين والموقوفين، استمع فيها إلى آرائهم وملاحظاتهم حول ظروف احتجازهم والخدمات المقدمة لهم، في إطار التزام المجلس بمبدأ السرية والحياد والإنصات إلى صوت الإنسان داخل مكان الاحتجاز، كما اطّلع الفريق على الجهود التي تبذلها إدارة المؤسسة في تحسين بيئة الاحتجاز وتطوير البنية التحتية وتوسيع برامج الرعاية الصحية والإصلاح الاجتماعي وإعادة الإدماج، وهي جهود تعبّر عن إرادة واضحة لدى القائمين على المؤسسة للارتقاء بمستوى العمل الإصلاحي والحقوقي.
وقد عرض المسؤولون بالمؤسسة جملةً من التحديات القانونية والإدارية والفنية التي تواجه عملهم اليومي، من بينها نقص الكوادر المؤهلة والمتخصصة في مجالات التأهيل والرعاية النفسية والاجتماعية، وضغط الطاقة الاستيعابية للمؤسسة مقارنة بعدد النزلاء، بما يتوافق مع المعايير الحديثة لمؤسسات الإصلاح. وأكدت إدارة المؤسسة في هذا السياق حرصها على معالجة هذه التحديات بالتعاون مع الجهات المعنية، واعتبرت زيارة المجلس الوطني خطوةً إيجابية في دعم جهود التطوير والإصلاح، ومصدرًا موثوقًا لتقديم صورة واقعية ومتوازنة عن الأوضاع داخل مؤسسات الإصلاح والتأهيل في ليبيا.
ويؤكد المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان أن هذه الزيارات الميدانية، تأتي في إطار دوره كمؤسسة وطنية مستقلة تُعنى برصد أوضاع حقوق الإنسان وتحليلها بموضوعية، وإيصال الصورة الحقيقية عن واقع مؤسسات الإصلاح والتأهيل إلى السلطات الوطنية والرأي العام والمجتمع الدولي ، بما يعزّز الثقة في الجهود الليبية المبذولة لتطوير منظومة العدالة الجنائية وتحسين بيئة الاحتجاز وفقًا لالتزامات الدولة الدولية.
وفي ختام الزيارة، عبّر القائمون على المؤسسة عن التزامهم بأحكام القوانين الوطنية ذات الصلة، وعلى رأسها القانون رقم (5) لسنة 2005م بشأن مؤسسات الإصلاح والتأهيل، مؤكدين احترامهم الكامل لحقوق الإنسان وصون كرامة النزلاء، واستعدادهم للتعاون التام مع المجلس وتنفيذ التوصيات التي تصدر عنه بما يسهم في تحسين الأوضاع القانونية والإنسانية داخل المؤسسة.
وسيُعدّ المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان تقريرًا حقوقيًا تفصيليًا يتضمن ملاحظاته واستنتاجاته وتوصياته بشأن أوضاع النزلاء وبالاخص الموقوفين منهم ، مع التركيز على الإجراءات القضائية ومدد الاحتجاز والتدابير الإصلاحية الواجب اتخاذها، وذلك في إطار سعي المجلس إلى دعم سيادة القانون وضمان المعاملة الإنسانية للسجناء والمحتجزين ، وستحال هذه التوصيات إلى الجهات الوطنية ذات الاختصاص، وهي : رئيس المجلس الأعلى للقضاء، والمستشار النائب العام، والسيدة وزير العدل، والسيد رئيس جهاز الشرطة القضائية، بما يعزز التكامل المؤسسي ويكرّس النهج القائم على احترام الكرامة الإنسانية في جميع أماكن الاحتجاز.
وبهذه الزيارة، يؤكد المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان التزامه بمواصلة دوره الرقابي والتنسيقي في تعزيز الشفافية وحماية الحقوق والحريات الأساسية، وصولًا إلى بناء منظومة إصلاح وتأهيل وطنية تتماشى مع القيم الدستورية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان .














للتواصل مع المجلس:
info@ncplhr.ly
X / Facebook / Instagram /YouTube :
ncplhr2011